الأحد، 31 مايو 2009

هل حقا عولج وتوفي حفيد الرئيس في إسرائيل؟!!!



نشر موقع (العرب) خبرا يفيد أن حفيد الرئيس المصري قد عولج وتوفي في مستشفى شنايدر في بيتح تكفا بإسرائيل، والتي يقول الموقع أنها من أفضل المستشفيات في العالم في علاج الأطفال، وروى أحد شهود عيان لموقع "العرب" أنه أدخل أحد أقاربه إلى المستشفى لتلقي العلاج وعلى الفور شعر بوجود شخصية مرموقة، لم يتخيل أن الموجود داخل الغرفة ابن شخصية دبلوماسية،إذ اعتقد انه قريب لأحد الوزراء في إسرائيل، لكن بعدما شاهد تابوتا صغيرا وقد لف بعلم مصر أيقن أن الحديث يدور عن ابن لشخصية مصرية مرموقة. وبعد أن أشيع خبر وفاة حفيد الرئيس المصري ربط الأمور بعضها ببعض وتأكد أن الطفل المتوفى هو حفيد الرئيس مبارك. ويضيف الموقع أنه بعد الوفاة تم نقل الجثمان إلى فرنسا ومن هناك إلى القاهرة كي لا تكتشف جهات مصرية الأمر. وعلي الرغم من أن نفس الخبر يوضح أن متحدثة باسم المستشفي نفت صحة ذلك، إلا أن عدم وجود أي مسئول مصري يعلق علي هذا الموضوع بالنفي أو الـتأكيد يثير الشكوك. فهل يعني صمت المسئولين أن الخبر صحيح؟؟؟. الأمر الذي يضع كرامة مصر وكبرياءها - ونحن نسعي لتدعيم دورنا العالمي كمنبر للعالم الإسلامي - علي المحك. كيف لدولة التاريخ قبل أن يعرف للبشرية تاريخ، دولة الحضارة التي علمت العالم قبل أن يوجد في العالم حضارة، أن ترسل حفيد رأسها ورمزها ليعالج في الدولة العدو. ولو وقعنا معها ألف معاهدة سلام فستظل العدو الذي يهدد أمننا شرقا حيث يوجد، ويعبث باستقرارنا جنوبا حيث يدعم متمردي جنوب وغرب السودان، ويعمل علي إعاقة تدفق شريان حياتنا من منابعه في أثيوبيا ومنطقة البحيرات العظمي إلينا. منذ أن انتهي العهد الاستعماري، ومنذ أن ولد الجيل الحالي وحتي الآن لم نعرف دولة آذتنا وحاكت ضدنا المؤامرات مثلها. نقول ذلك للذين يرون ضرورة وجود علاقات مصرية إسرائيلية قوية لكي تزداد القدرة المصرية على التأثير في السياسات الإسرائيلية تجاه الفلسطينيين في الأراضي المحتلة،‏ بما يحقق التطلعات القومية،‏ وحق تقرير المصير،‏ وإقامة الدولة للشعب الفلسطيني، مخطئون في ذلك. فمنذ متي عملت إسرائيل حسابا لهذه لبقاء هذه العلاقات. بل إنها في واقع الأمر حاولت كثيرا استغلال هذه العلاقات بشكل يتعمد إخراج مصر من محيطها العربي أو عزلها عنه، كما كان الحال في توقيت زيارة وزيرة الخارجية الإسرائيلية السابقة تسيبي ليفني وتهديدها لحماس قبيل العدوان الأخير علي غزة، مما تسبب في كثير من الإحراج للدبلوماسية المصرية وأدي لموجة الهجوم الحاد عليها والمزايدات من الذين يودون لعب أدوار تفوق أحجامهم الحقيقية. وكان ذلك هو الشرك الذي أوقعت فيه الدبلوماسية الإسرائيلية نظيرتها المصرية مستغلة العلاقات التي تسعي مصر علي المستوي الرسمي للحفاظ عليها منذ توقيع معاهدة السلام. إننا بنظرة مدققة للأمور لن يصعب علينا استنتاج أن الحرص الرسمي المصري علي هذه العلاقات قد أضر كثيرا بنا بأكثر مما أفادنا. أليس هو الذي وضع ريادتنا علي مستوي الإقليم موضع شك. ألا فليبرر لنا أولئك الذين يرون أن تلك العلاقات صحية ما تفعله الدولة العبرية في عمقنا الاستراتيجي في السودان من دعم للمسلحين في الجنوب، وفي دارفور في الغرب. بالأمس أعلن الرئيس الصومالي شيخ شريف أحمد أن إريتريا تدعم من سماهم المسلحين الإسلاميين المتشددين الذين يهددون الدولة الصومالية الفاشلة منذ انهيار نظام حكم سياد بري مطلع التسعينيات. ولا يخفي علي أحد العلاقات الإسرائيلية الإريترية والتعاون بينهما. فهل من مصلحة إريتريا استمرار الحرب الأهلية في الصومال؟؟؟ الإجابة نعم مادامت إسرائيل تدفع أموال، وتدرب قوات، وترسل أسلحة، وحتي لا تقوم دولة صومالية من جديد ولكي يستمر الفراغ الأمني والقرصنة في القرن الأفريقي وعند مدخل البحر الأحمر الذي كانت قد أغلقته مصر إبان حربها السابقة مع الكيان الصهيوني. لقد جنت إسرائيل كثيرا من اتفاق السلام مع مصر، وذلك في تقدير الإسرائيليين أنفسهم. إذ يري الكاتب الإسرائيلي إيهود عيلام أن لهذا الاتفاق ثماره المتمثلة في إنهاء حالة الحرب بين البلدين، وهو ما يعد بمثابة مكسب حيوي لإسرائيل، فضلا عن تمهيد الطريق للمفاوضات بين إسرائيل ودول عربية أخرى مثل توقيع الأردن لاتفاق سلام مماثل في العام 1994، وقيام مصر بلعب دور الوسيط بين إسرائيل والفلسطينيين؛ إلا أن الاتفاق ذاته – والكلام لا يزال للكاتب الإسرائيلي - تعرض للعديد من الأزمات، بدءا من ضم إسرائيل لهضبة الجولان السورية كاملة وشن هجوم على المفاعل النووي العراقي في عام 1981، وشن حرب على لبنان في عام 1982، ثم اندلاع المواجهات بين إسرائيل والفلسطينيين. أ.هـ. هذا الأمر يدفعنا للتساؤل وماذا استفادت مصر؟!!! وما هو مستقبل العلاقات المصرية الإسرائيلية مع إصرار الحكومة المتطرفة الحالية علي فكرة يهودية الدولة بما يهدد مستقبل أكثر من مليون عربي يعيشون في إسرائيل ويقطع الطريق علي حق عودة اللاجئين، وفي ظل رفض هذه الحكومة لحل الدولتين؟؟؟ وكيف يمكن للقاهرة أن تستغل الزخم الناتج عن اختيار الإدارة الأمريكية لمصر لتكون منبر مخاطبة العالم الإسلامي في البدء تغيير نظرتها لنفسها كرائدة للعالم العربي لكي تشمل تلك النظرة دورا عالميا أوسع يمتد ليشمل الساحة الإسلامية ككل والحوار الإسلامي الغربي بما يدعم نفوذها عالميا ويمكنها من طرح بدائل شجاعة لمبادرة السلام العربية التي ترفضها الحكومة الإسرائيلية حاليا؟؟؟

محمود خاطر


القاهرة 25/5/2009

الثلاثاء، 26 مايو 2009

حل الدولتين عند أوباما وناتنياهو والليكوديين... والدور المصري العائد



حل الدولتين مرفوض عند الليكوديين. وقد صوتت غالبية الشعب الإسرائيلي لليمين المتطرف الذي يعارض قيام دولة فلسطينية والمتمثل بصورة أساسية في حزبي الليكود وإسرائيل بيتنا. ولأن الضغوط تتزايد علي ناتنياهو للقبول بحل الدولتين فقد لجأ إلي ورقة ضغط يساوم عليها في الأيام القادمة تتمثل في ضرورة الاعتراف بيهودية الدولة. وهذا الاعتراف من شأنه أن يهدد وجود أكثر من مليون عربي يعيشون في إسرائيل إلي جانب كونه يسد الطريق أمام حق عودة اللاجئين الفلسطينيين، الذي هو أحد الأسس الخمس التي تقوم عليها مفاوضات الوضع النهائي. ويناقش اجتماع خاص في الكنيست الإسرائيلي للليكوديين خلال الأيام القادمة فكرة رفض حل الدولتين والبدائل المطروحة لهذه الفكرة، بصورة تبعث برسالة ضمينة إلي أوباما -الذي يزور مصر قريبا- فحواها أنه ليس ناتنياهو وحده هو الذي يرفض حل الدولتين ولكن الشعب الإسرائيلي الذي أتي به إلي الحكم كذلك يرفض هذا الحل، ومن ثم يتعين علي أوباما ألا يفرضه علي الإسرائيليين.
ألا يكفي هذا المشهد وغيره مئات المشاهد لنتأكد من كون إسرائيل ما نشأت إلا لتحتل أراض، وتغتصب حقوق، وتنتهك قوانين وتمارس البلطجة والإجرام بكافة صورهما وأشكالهما، ولا تحتكم سوي لقانون الغاب. ولم يحدث أن انسحبت من أراض سوي تحت ضغوط هددت بقاءها واستقلالها. ويتأكد لنا ذلك أيضا بعدما تم الكشف مؤخرا عن خطاب روسي كان قد تم توجيهيه إلي الحكومة الإسرائيلية عقب عدوان 1956 علي مصر، يهدد بمسح إسرائيل من الوجود إذا لم تنسحب من سيناء. ومعلوم أنها لم تنسحب من سيناء بعدما أعادت احتلالها في 1967 إلا بعد أن أثبتت لها مصر أنها دولة قوية تستطيع باقتدار أن تحتكم لنفس القانون – قانون الغاب - إن لم تجد مفرا من الاحتكام إليه، من أجل استعادة حقوقها، وذلك حين رفعت مصر آنذاك شعار ما أخذ بالقوة لا يسترد إلا بالقوة. وجاءت حرب 1973 لتثبت لإسرائيل ذلك.
إزاء الصورة السابقة، يبدو الوضع شديد التعقيد بالنسبة لمصر التي تسعي لإحلال السلام في المنطقة. والوقت الآن يحتم عليها أكثر من أي وقت مضي أن تسارع بأن تخرج ما بجعبتها من بدائل - هي حتي الآن حبيسة أدراج كبار المسئولين – وذلك حتي يدرك القاصي والداني والعدو والصديق أنه إذا ما فشلت الضغوط علي إسرائيل لكي تقبل وتعمل بمقتضي المبادرة العربية للسلام، وإذا لم يعد يوجد في إسرائيل معسكر سلام قوي قادر علي إقناع الشعب الإسرائيلي بها، علي غرار ذلك المعسكر الذي نتج عن مبادرات وأفكار الرئيس الراحل محمد أنور السادات، فإن مصر لديها الجديد لتفعله. وهذا الجديد المطلوب من القاهرة أن تقدمه للعالمين العربي والإسلامي صار مطلوبا بصورة ملحة لمصحتها هي قبل غيرها. والأكثر إلحاحا من ذلك أن تدرك القاهرة أنها هي منبر هذين العالمين بعد أن أدرك الغرب ذلك وحتي تقطع الطريق علي إيران التي تحاول أن تظهر بصورة زعيمة العالم الإسلامي، ومن أجل أن تكون مصر أهلا لدور عالمي صار يزاحمها فيه أقزام غرتهم أموالهم وقواعد أجنبيه تحميهم، وأيضا قوي إقليمية لم تقدم للإسلام طوال تاريخها عشر معشارما قدمته مصر في إحدي معاركها دفاعا عن الإسلام، ولنا في عين جالوت خير شاهد، هذ1 إن لم تكن تلك القوي والتي أحددها في كل من إيران وتركيا، قد ارتكبت أخطاء تاريخية كبيرة في حق المسلمين لا مجال لسردها الآن. إن دولة الظلم والطغيان ما فتأت تخرج لنا ورقة تلو الأخري لتخلق بها واقعا جديدا علي الأرض وتجبرنا علي التنازل عن مطالبنا شيئا فشيئا، فمن حدود 1948 إلي حدود 1967 وأخيرا إلي يهودية الدولة. وبين كل هذه التواريخ قضمت أراض، وهدمت بيوت، وبنيت مستعمرات، وكان الأخطر ما جري ولا يزال يجري من تهويد للقدس. وهو ما يحتم علينا تقديم بدائل. ولنضف إلي ذلك وجود مشروع إيراني يستقطب عددا من الدول العربية والإسلامية قد يكون هذا العدد مرشحا للزيادة في ظل وجود اليمين المتطرف في إسرائيل. الأمر يحتم إذن أن تخرج القاهرة لعالميها بدائل إذا ما فشلت أمريكا في الضغط علي إسرائيل لقبول والعمل بمقتضي المبادرة العربية للسلام، خاصة بعدما أعلن بالأمس متحدث رسمي باسم البيت الأبيض أن أوباما لن يعرض خلال زيارته لمصر خطة سلام جديدة، وإنما سيركز في خطابه علي علاقة الولايات المتحدة بالعالم الإسلامي.
إذا ما فشلت القاهرة في طرح بدائل، فلن يكون أمام العرب سوي إما الاندماج في أحد المشروعين الإقليميين: الإيراني أو الإسرائيلي. وإما البقاء في موقف المتفرج. المشروع الأول لا يسعي سوي لتأمين الوصول لقدرات نووية تمكن الجمهورية الإسلامية من دور إقليمي أكبر وقيادة العالم الإسلامي، في حين أن الثاني يهدف إلي تصوير إيران بأنها هي المهدد لاستقرار المنطقة وبالتالي فيجب إجهاض مشروعها قبل نضوجه من خلال توجيه ضربه عسكرية. الأول قومي فارسي شيعي بعكس ما يحاول أن يصبغ علي نفسه من صبغة الإسلامية. والثاني صهيوني يهودي. ووقت أن يظهر الجديد الذي تقدمه القاهرة، فلن يكون ثمة حديث عن ضعف الدور المصري، وإنما عن عودته، ولكن هذه المرة سيكون في صورة أخري تختلف كثيرا عن تلك الصورة التي كانت عليها إبان حقبة مصر عبد الناصر بمرحلتيها قبل وبعد 1967ومصر السادات بمراحلها وأفكارها الكثيرة. أما الحديث عن طبيعة هذا الجديد فيحتاج إلي مقالات أطول.
القاهرة 26 مايو 2009